الحياء زينة النفس البشرية ، وتاج الأخلاق بلا منازع ، وهو البرهان الساطع على عفّة صاحبه وطهارة روحه ، ولئن كان الحياء خلقا نبيلا يتباهى به المؤمنون ، فهو أيضا شعبة من شعب الإيمان التي تقود صاحبها إلى الجنة ، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة"
والحق أن الحياء رافد من روافد التقوى ؛ لأنه يلزم صاحبه فعل كل ما هو جميل ، ويصونه عن مقارفة كل قبيح ، ومبعث هذا الحياء هو استشعار العبد لمراقبة الله له ، ومطالعة الناس إليه ، فيحمله ذلك على استقباح أن يصدر منه أي عمل يعلم منه أنه مكروه لخالقه ومولاه ، ويبعثه على تحمّل مشقة التكاليف ؛ ومن أجل ذلك جاء اقتران الحياء بالإيمان في إشارة واضحة إلى عظم هذا الخلق وأهميته.
وقد عُرف النبي (صلى الله عليه وسلم) بهذا الخلق واشتُهر عنه, حتى قال عنه أبو سعيد الخدرى (رضى الله عنه) "كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أشد حياء من العذراء في خدرها"
وللحياء صور متعددة ، فمنها:
*حياء الجناية: بمعنى, الحياء من مقارفة الذنب مهما كان صغيراً ، وذلك انطلاقا من استشعار العبد لمخالفته لأمر محبوبه سبحانه وتعالى.
*وهناك نوع آخر من الحياء ، وهو الحياء الذي يتولد من معرفة العبد لجلال الرب ، وكمال صفاته ، ويكون هذا الحياء دافعا له على مراقبة الله على الدوام فهذا مطابق لهذا القول "لا تنظر إلى صغر الخطيئة ، ولكن انظر إلى عظم من عصيته"
*ويمكن أن يُضاف نوع ثالث ، وهو حياء النساء ، ذلك الحياء الذي يوافق طبيعة المرأة التي خُلقت عليها ، فيزيّنها ويرفع من شأنها.
وهذا لا يمنع من القول بالمعروف و النهى عن المنكر بحجة الحياء من الناس, فهذا خطاء, لأن الحياء لا يأتي إلا بخير ، والنبي (صلى الله عليه وسلم) على شدة حيائه ، كان إذا كره شيئا عُرف ذلك في وجهه ، ولم يمنعه الحياء من بيان الحق ، وكثيرا ما كان يغضب غضبا شديدا إذا انتُهكت محارم الله ، ولم يخرجه ذلك عن وصف الحياء.