وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ *لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ
لقد خلق الله سبحانه هذا الكون لحكمة , لا لعبا ولا لهوا . ودبره بحكمة , لا جزافا ولا هوى , وبالجد الذي خلق به السماء والأرض وما بينهما أرسل الرسل , وأنزل الكتب , وفرض الفرائض , وشرع التكاليف . . فالجد أصيل في طبيعة هذا الكون , أصيل في تدبيره , أصيل في العقيدة التي أرادها الله للناس , أصيل في الحساب الذي يأخذهم به بعد الممات .
ولو أراد الله سبحانه - أن يتخذ لهوا لاتخذه من لدنه . لهوا ذاتيا لا يتعلق بشيء من مخلوقاته الحادثة الفانية .
وهو مجرد فرض جدلي: (لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا). . ولو - كما يقول النحاة - حرف امتناع لامتناع . تفيد امتناع وقوع فعل الجواب لامتناع وقوع فعل الشرط . فالله سبحانه لم يرد أن يتخذ لهوا فلم يكن هناك لهو . لا من لدنه ولا من شيء خارج عنه .
ولن يكون لأن الله - سبحانه - لم يرده ابتداء ولم يوجه إليه إرادته أصلا: إن كنا فاعلين . . وإن حرف نفي بمعنى ما , والصيغة لنفي إرادة الفعل ابتداء .
إنما هو فرض جدلي لتقرير حقيقة مجردة . . هي أن كل ما يتعلق بذات الله - سبحانه - قديم لا حادث , وباق غير فان . فلو أراد - سبحانه - أن يتخذ لهوا لما كان هذا اللهو حادثا , ولا كان متعلقا بحادث كالسماء والأرض وما بينهما فكلها حوادث . . إنما كان يكون ذاتيا من لدنه سبحانه . فيكون أزليا باقيا , لأنه يتعلق بالذات الأزلية الباقية .
من تفسير الظلال