زيارات مختلطة وآداب ضائعه

الاختلاط ضرورة نفسية واجتماعية ويتطلبه المجتمع المعاصر ! بالاختلاط نهذب النفوس ونقضي على العقد النفسية ! والاختلاط يعلم الذوق في التعامل مع الجنس الآخر! والاختلاط يخفف من سعار الغريزة الجنسية ! هذه بعض المقولات الصادرة عن أمراض نفسية يحملها دعاة الاختلاط بين الجنسين في كل مكان هؤلاء عملوا ويعملون كل ما في وسعهم حتى استطاعوا ان ينشروا هذا الشر ويشيعوا هذا الفساد في المجتمعات الاسلامية التي هي بطبيعتها بدأت تغزوها الفتنة بما يسمى الحضارات الغربية . ويغزوها ضعف في الدين. والمساعد الأكبر على ذلك وصول الحكام الذين لا يرعون لله ذمة ولا يحفظون له حقا . فسهّلوا لهذا الاختلاط في جميع المؤسسات في دولهم بسن القوانين التي تعمل على وجود هذا الاختلاط في جميع مناحي الحياة .
ولما أصبح الاختلاط رمزا من رموز الحضارة والتقدم والانفتاح. والفصل بين الرجال والنساء سمة من سمات التأخر والرجعية والانغلاق والتعقيد في نظر أغلب الناس فإنه قد اندرج على زياراتنا العائلية هذه النظرة وصار لا بد من الاختلاط فيها حتى يتم الأنس ويدخل السرور الى القلوب . وعلى هذا فقد أصبح الرجل يصطحب زوجته وربما بناته الصبايا الى بيت صديقه للزيارة او لحضور حفلة يقيمها ذلك الصديق . فيكون الاختلاط بين الرجال والنساء . ويا لشر هذه الزيارات ويا لشناعة تلك المفاسد التي تنشأ عنها حيث تضيع الأخلاق والآداب التي يجب ان تسود الجلسات . ومن هذه الآداب الاسلامية المضيعة:
1) غض البصر : فإنه ليس من المعقول أن يجلس جماعة من الناس رجالا ونساءا في جلسة تسامر ومؤانسة ويغض كل منهم بصره عن الآخر بل ما يحدث أكثر من ذلك فهناك التحديق والنظرات الفاحصة والغمز بطرف العين وما الى ذلك وكل هذا نهى عنه الاسلام حيث قال تعالى : { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم } ويقول : { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن } .
2- الالتزام بالحجاب الشرعي : حيث لا يقوم بهذه الزيارات المختلطة من يلتزمون بالدين التزاما كاملا وإنما الذين يكون عندهم ضعف في الالتزام وحتى ولو كانت الواحدة من النساء تضع على رأسها الشال او المنديل فإنها لتواكب التقدم فلا بد ان تضع المساحيق ذات الالوان المتعددة على وجهها ولا بد ان تضع الروائح العطرية الجذابة الملفته ولا بد ان تختار أكثر الثياب جاذبية لتبدو جميلة في نظر الجلساء وهذا هو التبرج الذي نهى عنه رب العزة تبارك وتعالى وقال : { ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى } وهو اظهار للزينة التي أمرت المرأة باخفائها فقال تعالى : { ولا يبدين زينتهن }
3) ذهاب الحياء : وذلك نتيجة للاختلاط المتكرر وكما يقال : " كثرة المساس تزيل الاحساس " وهذا يعني انه بكثره المجالسة بين الرجال والنساء تنكسر الحواجز ويزول التكليف فيصير الكلام الذي يخرج عن الآداب شيئا طبيعيا ويصير الضحك بصوت عال والقهقهة شيئا لا ينكره أحد . ويصبح الكذب للاضحاك شيئا لازما لاشاعة الفرح والسرور في الجلسة ويصير التغنج والدلال في الخطاب من قبل بعض النساء شيئا ضروريا مما يثير الغرائز عند بعض الرجال فينظرون لتلك المرأة المتغنجة وتلك المرأة الجريئة في اثارة أحاديث بعيدة عن الأدب والذوق أحيانا على انها امرأة متحررة يجدر بهم مجاراتها أو حتى لا مانع من صداقتها
4- حرمة المرأة من لمس الرجل الأجنبي : فإنه من ضرورات الاختلاط ان تصبح المصافحة بين الرجال والنساء شيئا مألوفا وليس هذا فحسب فقد تجلس زوجة فلان قريبا من علان وخلال الانغماس في الاحاديث والضحك قد يميل عليها او تميل عليه او قد يدفعها بيده او تدفعه بيدها . ووالله ما هذا من أدب الاسلام ولا مما يرضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين وقد روى الطبراني والبيهقي عن معقل بن يسار رضي الله عنه ان رسول الله & قال : لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من ان يمس امرأة لا تحل له "وما صافح رسول الله & امرأة قط حتى في بيعته للنساء حيث يروي الامام أحمد عن أميمة بنت رقيقة قالت : اتيت رسول الله & في نساء لنبايعه فأخذ علينا ما في القرآن ان لا نشرك بالله شيئا .. الآية ) وقال : " فيما استطعتن وأطقتن " " قلنا الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا ، قلنا يا رسول الله ألا تصافحنا ؟ قال : " إني لا أصافح النساء إنما قولي لامرأة واحدة قولي لمائة امرأة "
وإن الواقع يشهد انه نتيجة لهذه الزيارات المختلطة والجلسات المشتركة بين الرجال والنساء قد تنشأ أخطار تهدد كيان الأسرة . بما تزرعه بين الزوجين من مشاعر سيئة وأحيانا نقاشات حادة وتنازع وتقاطع بعد انفضاض هذه الجلسات وذهاب كل زوجين الى بيتهما . ومن هذه المشاعر السيئة التي قد تثير النقاش والنزاع نذكر :
1) شعور الغيرة : فقد يلاحظ أحد الأزواج تلطفا ورقة في التحادث بين زوجته وأحد أصحابه او العكس تلاحظ الزوجة هذا التلطف والرقة بين زوجها واحدى زوجات أصدقائه فيثير هذا مشاعر الغيرة التي قد تؤدي في نهاية المطاف الى الانفصال .
2) شعور الحسد : فإنه قد يتفاخر أحد الزوجين بما يقدمه زوجه الآخر له من الهدايا . وخاصة النساء فهن يتفاخرن بما يتحلين به من الزينة وقد لا يستطيع زوج آخر أن يجلب لزوجته هذه الزينة فينشأ الحسد في قلبها وتتمنى لو كان زوجها فلانا لتحصل على ما تحصل عليه صديقتها او قد يتفاخر فلان من الرجال بما تصنعه له زوجته من مأكولات وحلويات ويبدأ يصف براعتها في تحضير هذه المأكولات . فيثير في نفس بعض الرجال شعور الحسد لأن زوجاتهم لا يصنعن لهم هذه الأطعمة .
كما أنه من الممكن ان يتغزل أحدهم بزوجته أمام الأصحاب والأصدقاء فتحسدها زوجة فلان لأن زوجها لا يسمعها مثل هذا الكلام أو العكس قد تكون هي المتغزلة فيحسد أحدهم الزوج على ذلك ويتمنى لو كانت زوجته مثلها وقد يسبب هذا نفورا بينهما ومن ثم اتهامات بعدم الاهتمام وعدم التقدير من أحدهما للآخر .
3- شعور الانجذاب : فإنه قد ينجذب أحد الرجال لإحدى المجالسات له لجمالها او لرقتها او لنحافتها اذا كانت زوجته أقل جمالا ورقة او كانت سمينة فينجذب اليها ويتمنى لو كانت زوجته، ثم ربما يتطور هذا التمني ليصبح هدفا يعمل من أجل الوصول اليه وبالعكس فانه قد تنجذب إحدى النساء الى رجل من شلة الصحبة يكون أكثر اناقة من زوجها أو أكثر وسامة او ثقافة فتتمنى لو كان زوجها وقد يحصل ما لا يحمد عقباه فهناك الكثير من القصص التي تروى عن فلانة وقعت في حب صاحب زوجها او في حب قريب زوجها او فلان قد خرج مع فلانة وهي متزوجة ومثل ذلك كثير . فلولا ما يحصل من هذا الاختلاط الفاحش الذي تضيع فيه الآداب لما أصبحنا نسمع مثل هذه القصص والروايات الواقعية التي تحصل في هذه المجتمعات المنخدعة بما يسمى حضارة الغرب . والتي تكون نتائجها وخيمة على البيت والأسرة والمجتمع كله . ويقول ابن القيم رحمه الله : ( ولا ريب ان تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصل كل بلية وشر وهو من أعظم أسباب فساد أمور العامة والخاصة واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة ) نعم ان هذا الاختلاط هو سبب في هدم حصون العفة واقتحام لأسوار الشرف وإزالة لحواجز الحياء فكان لا بد من التحذير منه ورعاية للآداب الاسلامية التي بها نصون المجتمع المسلم من الضياع والدمار والانحلال.
هكذا فقد تنقلنا معا في هذه السلسه عن الزيارات فعشناها غايات وآدابا وخضنا في الرحمة ورتعنا في رياض الجنان إن شاء الله وجلسنا الى كتاب الله وسنة نبيه & والى بعض انبيائه الكرام وبعض من عباده الصالحين ومن كل نقطف زهرة برائحة خاصة وعبق مميز . وما نحتاجه ان ينفذ هذا العبق وهذا الأريج الى أعماق أعماقنا ويتغلغل في قلوبنا كما يتغلغل الماء حين ينزل على الأرض العطشى فينبت نباتا حسنا ويثمر ثمارا طيبة ونسأله تعالى ان نكون قد وفقنا ولو الى بعض ما قصدنا من هذه السلسلة وما التوفيق الا من الله العزيز الكريم .