يقع مخيم الجليل الفلسطيني عند مدخل مدينة بعلبك في البقاع شرقي لبنان.
إن الدخول إليه بالسيارة مغامرة، فضيق الطرقات في المخيم يجعل المرور متعثرا، وإن تم فالخروج عندها يكون أكثر تعقيدا لأن المساحات التى يمكن فيها إدارة السيارة إلى الجهة المعاكسة باتجاه مخرج المخيم، شبه معدومة.
أما الداخل إلى مخيم الجليل سيرا على الأقدام فينضم إلى مشاة وأولاد في حركة دائمة تعكس الاكتظاظ في هذا المخيم كما هي حال غالبية المخيمات الفلسطنينة الاثني عشر الموزعة على الاراضي اللبنانية.
لكن الازمة السورية ضاعفت هذا الواقع، فالعشرات من العائلات الفلسطينية غادرت سوريا وقصدت لبنان وتحديدا المخيمات الفلسطنية كمكان ممكن لايجاد ملجأ الى حين هدوء الحال والعودة الى سوريا.
والسؤال عن مكان وجود نازحين من سوريا في المخيم، جوابه أن هؤلاء توزعوا على كل أرجاء المخيم حتى المنتزه او ما يسمى بلغة أهالي المخيم "المسبح".
قصدنا المسبح الذي يقع خارج المخيم إلى الجهة العليا منه، وهو كناية عن حديقة صغيرة تتوسطها بركة مياه قد تكون وراء التسمية، "مسبح مخيم الجليل".
منتزهلكن هذا المسبح-المنتزه يفصله عن مدافن المخيم سياج حديدي يجعل من تلك المدافن امتدادا للمنتزه، حتى ان حركة الناس هنا متداخلة جاعلة من المكانين مكانا واحدا.
لكن شاغلي هذه الحديقة ليسوا من المتنزهين، إنما من اللاجئين الفلسطينين القادمين من سوريا.
وقد افترشوا الحديقة الصغيرة، في زوايا محدودة حجبت الشمس عنها، أغصان ضعيفة لشجيرات حالت شمس البقاع الحارقة دون اتساعها.
احتل الزوايا القليلة في ظلال هذه الحديقة، عائلات نزحت من سوريا، ومن بين هؤلاء محمد وهو في العقد الثالث.
كان جالسا على حصيرة صغيرة مع طفليه وزوجة تهز بين يديها رضيعا يبدو تعبا وقد سارعت إلى إخبارنا أنه يعاني من حساسية تهدد حياته وأن لا علاج له هنا.
وعند سؤال محمد عن مكان مبيت العائلة أخبرنا أن هذه الحديقة هي المكان الذي يلتقي فيه بعائلته.
فهو منذ أن أتى من سوريا قبل شهر، وجد لزوجته وأولاده مكانا ينامون فيه في غرفة تقيم فيها عائلة ابن عمه لكن لا مكن له فيها، فالاستضافة مؤقتة الى حين إيجاد مكان دائم لسكن العائلة، لكن الامر لم يسو بعد.
فهو لذلك يمضي النهار مع عائلته في الحديقة وفي الليل يغادر بحثا عن مكان خارج هذا المنتزه يبيت فيه، وفي اليوم التالي يُيَمِّمُ وجهه شطر الوجهة نفسها.
وإلى جانب الحصر التى امتدت أرضا وفي إحدى زوايا المخيم ارتفعت حصيرتان متلازمتان على حبل ربط بين شجرتين ما جعلها تشبه الغرفة.
ألواح من كرتونوقد قيل لنا إنها للقادمين الجدد او للشباب عندما يكون القادمون الجدد من النساء، فتنام النسوة في الغرف التى بنيت في المنتزه للاجئين وينام الشباب في الخارج ريثما يتوفر لهم مكان.
وليس بعيدا عن هذه الغرفة من قماش تتراءى للناظر باتجاه مدافن المخيم غرفة أخرى مستحدثة من قماش وقد دعمت بعض زواياها بألواح من كرتون.
وعند الاقتراب منها يظهر للزائر مدخل للغرفة وخلفه عدة أشخاص يجلسون أرضا في تلك الغرفة المستحدثة الى جانب غرفة من باطون هي في الاساس غرفة ناطور المدافن تنام فيها حاليا عائلتان.
ويتردد هنا أن عائلات كثيرة قصدت وما زالت تقصد المخيم لكنها غادرته لانه لم يعد من مجال لاستقبال أحد هنا.
بلغ عدد النازحين السوريين والفلسطينيين السوريين إلى لبنان مليوني ومئتي ألف نازح حسب وزير الداخلية اللبناني.
وقد تخطى حجم المشكلة التى يطرحها هذا العدد من النازحين قدرة الحكومة اللبنانية على الاحاطة به وكذلك قدرة الهئيات الاهلية التى تحاول التخفيف من أزمات هؤلاء.
ومع استمرار الازمة في سوريا فإن المشكلة يمكن أن تتفاقم أكثر فأكثر.