من كتاب " جامع اخطاء المصلين"
ما يقوله المؤذنون قبل اذان الفجر , اشعار وقصائد ومدائح نبويه ( وهو ما يسمى تواشيح):
من الاخطاء ان المؤذنين في زماننا يقومون بانشاد الاشعار والقصائد , والمدائح النبويه قبل اذان الفجر وغيره من الصلوات وليس معهم في ذلك سنه , بل هذا شيئ محدث , والمؤذنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اذّنوا سنوات عديده فلم يقولوا شيئا من ذلك , والاذان له الفاظ محدده لا ينقص منها , ولا يزاد عليها , ومن يفعل ذلك فهو مبتدع كما نص على ذلك.
سئل الامام مالك عن انشاد الاشعار بالصوامع كما يفعله المؤذنون اليوم في الدعاء بالاسحار؟
فأجاب: " بأن ذلك بدعه مضافه الى بدعه , لأن الدعاء بالصوامع بدعه وانشاد الشعر والقصائد بدعه اخرى اذ لم يكن ذلك في زمن السلف المقتدى بهم " .
قال ابن الجوزي: " وقد رأينا من يقوم بالليل كثيرا على المناره فيعظ ويذكر , ومنهم من يقرأ سورا من القرآن بصوت مرتفع فيمنع الناس من نومهم ويخلط على المتهجدين قراءتهم , وكل ذلك من المنكرات " .
قال الشيخ الالباني رحمه الله : " من النماذج التي يمكنني ان استحضرها الان..مثلا ان احد المؤذنين في المدينه المنوره كان يؤذن والناس يعرفون انه يؤذن , فبدا له مره انه اذا صعد فوق ظهر المسجد للاذان ان يتنحنح فقط لا يتكلم ولا يلفظ نشيدا , وانما كل ما احدثه انه تنحنح , فسمع مالك منه مره , مرتين , ثلاثه , حتى تأكد ان هذا التنحنح ليس لامر عارض منه , وانما هذا خطه مرسومه , فأرسل اليه وسأله عن هذا فقال: افعل ذلك بين يدي الاذان تهيئه لايقاظ الناس فنهاه عن ذلك , وقال: اٍنه لم يكن من الامر الاول , مجرد النحنحه فلو كان الامام مالك في زماننا لسمع المقدمات والمؤخرات بين يدي الاذان , فماذا كان يقول لهم " .
قال الامام مالك : " لن يأتي اخر هذه الامه بأهدى مما كان عليه اولها".
قلت: وكان من الصحابه من هم احسن الناس اصواتا مثل ابي موسى الاشعري , فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم له ذات يوم وشّح لنا يا ابا موسى , فلو امره النبي بذلك لفعله , ولو فعله لنقل الينا , فلما لم ينقل دل ذلك على انه لم يفعل.
والقاعده تقول: اذا كان الشيئ له مقتضى ودعت اليه الحاجه والضروره وكان بالامكان فعله , ولم يفعل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع امكان فعله فلا يفعل الان.
قراءه القرآن عبر مكبرات الصوت في صلاه الفجر:
ومن الاخطاء: قراءه القرآن عبر مكبرات الصوت قبل صلاه الفجر , ويحتجون على ذلك بقوله تعالى: ( وقرآن الفجر اٍن قرآن الفجر كان مشهودا ) [الاسراء/78] وهذا الاستدلال خاطئ ليس في محله , وهو من باب لوي اعناق الادله بما يوافق هواهم , ولو تحاكمنا الى سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدنا فيها جوابا شافيا يقطع حججهم ويخرس السنتهم , قول من لا ينطق عن الهوى اولى لنا من ان نلوي النصوص ونوجهها توجيها يخرج بنا عما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه.
ففي البخاري ومسلم من حديث ابي هريره رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يتعاقبون فيكم ملائكه بالليل وملائكه بالنهار , ويجتمعون في صلاه الفجر , وصلاه العصر , ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم _ وهو اعلم بهم_ : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهو يصلون وأتيناهم وهم يصلون " [البخاري ومسلم].
وفي "الصحيحين" ايضا من حديث ابي هريره رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " تفضل صلاه الجميع صلاه احدكم وحده بخمس وعشرين جزءا ,و تجتمع ملائكه الليل ملائكه النهار في صلاه الفجر " , ثم يقول ابو هريره : فاقرأوا ان شئتم : ( اٍن قرآن الفجر كان مشهودا ) [البخاري ومسلم].
فقد فسر بعض اهل العلم هذه الايه بأن قرآن الفجر تشهده ملائكه الليل والنهار , ورد بذلك حديث اسناده صحيح اخرجه الترمذي(3135) من حديث ابي هريره وابي سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : (وقرآن الفجر اٍن قرآن الفجر كان مشهودا ) قال: " تشهده ملائكه الليل والنهار " .
وجه الدلاله يمثل شيئين:
الاول: ان القرآن المشهود هو القرآن الذي يقرأه الامام في صلاه الفجر.
الثاني: الذي يشهد القرآن في صلاه الفجر هم الملائكه , لان الحديث محمول على انهم شهدوا الصلاه مع من صلاها في اول وقتها , وشهدوا من دخل فيها بعد ذلك , ومن شرع في اسباب ذلك .
قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" : " وكان يطيل صلاه الصبح اكثر من سائر الصلوات , وهذا لأن قرآن الفجر مشهود يشهده الله تعالى , وملائكته , وقيل: يشهده ملائكه الليل والنهار ".
اٍفراد التكبير في الاذان:
ومن الاخطاء : اٍفراد التكبير , فيقول: الله اكبر. الله اكبر. الله اكبر. الله اكبر. لكن الذي يظهر لي من الاحاديث انه يوصل التكبير كأن يقول : "الله اكبر الله اكبر " في نفس واحد , ثم يقول: " الله اكبر الله اكبر" في نفس واحد ايضا.
اخرج مسلم من حديث انس بن مالك , قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يغير اذا طلع الفجر وكان يستمع الاذان فاٍن سمع اذانا , والا اغار فسمع رجلا يقول الله اكبر الله اكبر , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ...." [مسلم] الحديث.
وعن عمر بن الخطاب, قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اذا قال المؤذن الله اكبر الله اكبر , فقال احدكم :الله اكبر الله اكبر...." [مسلم],
الشاهد من هذين الحديثين ان يقول "الله اكبر الله اكبر " في نفس واحد.
قال الامام النووي رحمه الله : " قال اصحابنا يستحب للمؤذن ان يقول : كل تكبيرتين بنفس واحد , فيقول في اول الاذان " الله اكبر الله اكبر " بنفس واحد , ثم يقول: " الله اكبر الله اكبر" بنفس اخر , والله اعلم " .
ثم قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" : " وهذا انما يتأتى في اول الاذان , لا في التكبير الذيي في اخره".
وصفوه القول: ان المؤذن اذا اذّن يقول : "الله اكبر الله اكبر" في نفس واحد والله اعلم .