الأسرة المصرية السادسة بالإنجليزية Sixth Dynasty، مع الأسرة الثالثة والأسرة الرابعة والأسرة الخامسة يكونوا معا الدولة القديمة. لم نستدل بعد على الأسباب التي أدت إلى انتقال الحكم من الأسرة الخامسة إلى الأسرة السادسة، ولكن يبدو أن هذا الانتقال قد تم في جو لا تكتنفه أية اضطرابات سياسية.
في خلال الأسرة السادسة تطورت العملية التي لاحت بوادرها خلال الأسرة الخامسة والتي كانت تهدف إلى إضعاف سيطرة الفرعون على البلاد، وذلك على النحو التالي:
استطاعت بعض المؤسسات مثل "مدن الأهرامات"، والمعابد الإقليمية أن تحصل على الحصانة التي تجعلها غير خاضعة للضرائب، أو المصادرة والاستيلاء من جانب الإدارة المركزية.
استطاع كبار المسئولين أكثر فأكثر أن يفرضوا مبدأ الانتقال الوراثي للوظيفة في نطاق أسرهم، متناسين بذلك حق الفرعون في الاختيار الحر وتعيين من يشاء. وهكذا ظلت الوظيفة محصورة في نصل نفس العائلة لمدة طويلة.
اتضحت معالم هذا الاتجاه وتأكدت بصفة خاصة على الصعيد الإقليمي: إذ كان الحكان ينصبون أنفسهم سادة محليين. كما كانوا ينتحلون الألقاب الخاصة بالإدارة المركزية مثل (وزير ، ومدير الجنوب) ، بل إن نفوذهم قد تزايدت أحاينا لدرجة دفعت الفرعون إلى التحالف معهم (فلقد تزوج بيبي الأول فتاتين من إحدى العائلات المتسلطة بأبيدوس)
ويتضح لنا إذن أن انهيار الدولة القديمة في أواخر الأسرة السادسة يرجع أساسا، إن لم يكن كليا ، إلى تفاقم واحتدام تلك النزعات الاستقلالية.
وبعد، فإن هذا التغيير ذاته لم يبلغ منتهاه إلا بشكل تدريجي، ولم يشب الصورة الإجمالية للأسرة السادسة بأية شائبة، تلك الأسرة التي حافظت على المستوى الحضاري الرفيع الذي بلغته الفترة السابقة لها، ولم تتوقف الإمدادات من السلع الغذائية والمنتجات الأجنبية المستوردة من (شبه جزيرة سيناء ومدينة جبيل بفينيقيا، وبلاد بونت) . بل على العكس فقد امتدت عمليات التوغل في بلاد النوبة حتى بلغت إمارات دنقله Dongola والتي استطاعت مصر عن طريقها الاتصال بأعماق أفريقيا (ومثال ذلك إحضار القزم في رحلة حرخوف) . وبالإضافة لذلك فإننا لانستطيع أن نتخدث فعلا عن وجود أي تدهور فني خلال الأسرة السادسة فالرسوم والزخارف البارزة وفن النحت لم تكن تفتقر إلى الرقة والنعومة، بالرغم من أنها قد خفقت ظاهرة الضخامة الهائلة التي كانت سائدة خلال الأسرة الرابعة والخامسة، فقد استمر فراعنة هذه الأسرة في تشييد مجموعات هرمية (تتضمن معبد علوي ومعبد الوادي) وفقا لنموذج موحد نسبيا هو مجموعة اوناس الهرمية. ولقد شيدت هذه الأهرام بكتل صنعت من الطمى، ولاريب أن أحجامها كانت تقل كثيرا عن أحجام أهرام الأسرة الرابعة (يزيد ارتفاعها قليلا عن خمسين مترا) . وتشهد المعابد الجنائزية بمهارة معمارية عظيمة رغم قلة استخدام المواد "المكلفة" (مثل الجرانيت والكوارتزيت) .